دخول
المواضيع الأكثر شعبية
عدد الزوار منذ
6/2010
عدد الزيارات منذ
6/2010
تابع اقدار القلوب
صفحة 1 من اصل 1
تابع اقدار القلوب
إخوتي في الله..
من السبب؟!
أريد أن تصلوا إلى أصل الداء الذي يقطع كل واحد منكم عن ربه.. فكثيراً ما يتوقف الإنسان عند مفاهيم معينة، ويثبت له بعد وقت عدم صحتها..
قد ترى أنك تؤتى بسبب الظروف التي تحيطك؛ فتقول: لو أن البيت كان خالياً من المنكرات فلا تلفاز ولا أغاني ولا.. ولا.. لكنت ملتزماً حقا.
أو تقول: مشكلتي هي الناس، فالشوارع تموج بالفتن، وكلما جاهدت نفسي سقطت في وحل المعصية من جديد، وماذا عساي أن أفعل وسط هذا الزحام الهائل من الفواحش؟!
أو تقول: إذا عاملت الناس اليوم بالدرهم والدينار فحدث ولا حرج عن البلايا.. ماذا أصنع؟؟.. كلما أردت أن ألتزم تشدني الدنيا.. لا يمكن أن أعيش كما تتخيلون- أيها الدعاة-؛ فإن ما تتحدثون عنه غير واقعي.
وآخر يرى مشكلته أنه دائماً كلما حاول السير في طريق الهداية تزل قدمه، ولا يلبث أن ينحرف، فهو ما يقدر عليه؛ لأن الله لا يريد له الهداية (بزعمه!!)، فيقول لك: لا تحاول معي، فالطريق مسدود، وأنا الآن أعيش حياتي حتى لا أخسر الدنيا والآخرة.
والشبهات نحو ذلك كثيرة، ولكني ألفت نظرك ابتداءً - قبل أن أظهر لك ما التبس عليك- أنك تلاحظ أنه لا أحد يعترف بأخطائه، وأنه أُتي من قبل نفسه، فالمشكلة هي: البيت.. والشارع.. والنساء.. والحكومة.. إلخ.. لا أحد يقول: "المشكلة أنا.. وأنا فقط ". هذه مصيبته، وهذه هي الآفة الحقيقية: نفسه.
ما أُتينا إلا من قبل أنفسنا الأمارة بالسوء..لابد أن نعترف بذلك بكل صراحة ووضوح.
أيها الإخوة..
إن نفوسنا تتشكل وتتلون بألوان ثلاثة؛ فتارة تأمرك بالمعاصي والسيئات،وتارة تلومك وتزجرك عن فعل كل ما يُشينك، وتارة تجدها هادئة مطمئنة.
لذا، فإن مكمن الخطر في نفسك الخبيثة الأمارة التي أُمرت بمخالفتها، فلا تظنن أن تركك نفسك هكذا بلا ضابط؛ سيعفيك ويُبرئُ ساحتك أمام الله.
تقول:ولماذا خلق الله هذه النفس وجعلها تتشكل هكذا؟.. لماذا لم يخلقنا جميعاً بنفوس مطمئنة؟!!
أقولُ ما قالهُ الله سبحانه وتعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}الأنفال:37
ليُبتلى الصدق والإخلاص فيك، ليظهر ما في باطنك ظاهراً؛ فتعرف حقيقة أمرك؛ فتسعى في تغيير ما بك؛ فتكون له عبداً حقا، توحده حق التوحيد، وتعرفهُ حق المعرفة.
ثم اعلم أن لله سُننا كونية لا تتبدل ولا تتغير: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر:43] ، ومن ذلك:
أنه كلما اشتدت الفتن زادت الرحمة. ومحال أن يضيع الله عبداً أراده وحده. كيف وهو القائل سبحانه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ} [التوبة:115-116]
أخي في الله..
أريدك أن توقن بأن {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابالمسلم مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء:79].. فما لم تُقر بأن نفسك هذه الأمارة هي أعدى أعدائك، وأنك مأمور بمجاهدتها؛ فلن يصلح لك التزام، ولن تجد لذة وحلاوة الإيمان حتى تجاهدها في الله تعالى.. وهذا المعنى هو ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله في سيد الاستغفار: "أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي؛ فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" [البخاري]
سبب الخذلان.. عدمُ أهلية المحل:
حبيبي في الله..
إذا فهمت هذا عن نفسك، وعرفت حال قلبك، وعلمت أنك أنت السبب؛ حينها ستعرف سبب اختلاف الناس من حيث التوفيق والخذلان، فالشأن شأن القلب؛ فمن كان ذا قلب نقي طاهر يصلحُ أن يتقبل نور الهداية؛ وُفق لكل خير، ومن كان قلبُه مظلماً؛ حُجب وخُذل.
يقول ابن القيم كلاما كالشهد، بل كالماء الزلال العذب عند لفح الهجير:
"ثم فكرتُ هل للتوفيق والخذلان سبب، أم هما بمجرد المشيئة لا سبب لهما؟؛ فإذا سببهما أهليةُ المحل وعدمها؛ فهو سبحانه خالق المحال متفاوتة في الاستعداد والقبول أعظم تفاوت؛ فالجمادات لا تقبل ما يقبله الحيوان، وكذلك النوعان كل منهما متفاوت في القبول؛ فالحيوان الناطق يقبل ما لا يقبله البهيم، وهو متفاوت في القبول أعظم تفاوت، وكذلك الحيوان البهيم متفاوت في القبول، لكن ليس بين النوع الواحد من التفاوت كما بين النوع الإنساني.
فإذا كان المحل قابلاً للنعمة بحيث يعرفها، ويعرفُ قدرها وخطرها، ويشكرُ المُنعم بها، ويُثني عليه بها، ويعظمه عليها، ويعلم أنها من محض الجود وعين المنة، من غير أن يكون هو مستحقاً لها، ولا هي له ولا به؛ وإنما هي لله وحده، وبه وحدهُ، فوحّده بنعمته إخلاصاً، وصرفها في محبته شكراً، وشهدها من محض جوده منة، وعرف قُصوره وتقصيره في شُكرها عجزاً وضعفاً وتفريطاً، وعلم أنه إن أدامها عليه فذلك محضُ صدقته وفضله وإحسانه، وإن سلبهُ إياها فهو أهل لذلك مستحق له..
وكلما زاده من نعمه ازداد ذُلا وانكساراً وخضوعاً بين يديه، وقياماً بشكره، وخشية له سبحانه أن يسلبه إياها لعدم توفيته شكرها، كما سلب نعمته عمن لم يعرفها، ولم يرعها حق رعايتها، فإن من لم يشكر نعمته وقابلها بضد ما يليق أن تُقابل بها؛ سلبه إياها ولابُد.
قال تعالى: {والمسلمذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام:53]، وهم الذين عرفوا قدر النعمة وقبلوها، وأحبوها وأثنوا على المنعم بها، وأحبوه وقاموا بشكره.
وقال تعالى:{وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام:124]
وسببُ الخُذلان: عدم صلاحية المحل وأهليته وقبوله للنعمة؛ بحيث لو وافته النعم لقال: هذا لي، وإنما أوتيته لأني أهلُه ومستحقه، كما قال تعالى- حاكياً عن قارون-: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص:78]، أي على علم علمه الله عندي أستحق به ذلك، وأستوجبه وأستأهلُه.
ومما ينبغي أن يُعلم: أن من أسباب الخذلان: بقاء النفس على ما خلقت عليه في الأصل، وإهمالُها وتخليتُها؛ فأسباب الخذلان منها وفيها، وأسباب التوفيق من جعْلِ الله سبحانه لها قابلية للنعمة، فأسباب التوفيق منه ومن فضله، وهو الخالق لهذه وهذه، كما خلق أجزاء الأرض؛ هذه قابلة للنبات، وهذه غيرُ قابلة له، وخلق الشجر، هذه تقبل الثمرة، وهذه لا تقبلها، وخلق النحلة قابلة لأن يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه، والزنبُور غير قابل لذلك، وخلق الأرواح الطيبة قابلة لذكره وشكره وحُجته، وإجلاله وتعظيمه، وتوحيده ونصيحة عباده، وخلق الأرواح الخبيثة غير قابلة لذلك، بل لضده، وهو الحكيم العليم.
فاللهم إنا نسألك وأنت الأول والآخر
أن تصلح قلوبنا لتصلح لحبك، والخوف منك، ورجاء رحمتك
اللهم إنا نعوذ بك من سوء القضاء
اللهم اكتبنا عندك عباداً تحبهم ويحبونك
أن تصلح قلوبنا لتصلح لحبك، والخوف منك، ورجاء رحمتك
اللهم إنا نعوذ بك من سوء القضاء
اللهم اكتبنا عندك عباداً تحبهم ويحبونك
آمين، وصلى الله على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين
reman- ... عضــ جديد ـــو ...
- عدد الرسائل : 21
السٌّمعَة : 0
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 06/07/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى